المحدّث الجليل أحمد بن محمد بن خالد البرقي ثقة جليل / توثيق أعلام الرجال للشيخ البرقي رحمه الله / السبب في تضعيفهم لروايات البرقي/ لا وجه للتضعيف المذكور / حديث الصفار حول الحيرة يحمل على وجوه
الإسم: *****
النص:
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
سماحة المرجع الديني الكبير اية الله العلامة الفقيه المحقق الشيخ محمد جميل حمود العاملي دام ظله العالي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ارفع الى مقامكم العالي السؤال والاستفسار الاتي ونامل من جنابكم الاجابة والتوضيح والتوجيه في الفهم
ماهو تفسير كون احمد بن محمد بن خالد البرقي هو من اصحاب الائمة عليهم السلام
المقربين ومن افاخم المحدثين وثقاتهم وصاحب تصانيف كثيرة واهمها كتاب المحاسن
وأيضاً هو من رواة النص على الائمة الاثني عشر عليهم السلام كما ورد في الكافي في الاصول ج1 - أبواب التاريخ - باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم عليهم السلام
وهو مع ذلك هو من الحياراى والشاكين في الامامة وطريق اهل البيت سلام الله عليهم طريق الحق
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الموضوع الرجالي: المحدّث الجليل أحمد بن محمد بن خالد البرقي ثقة جليل / توثيق أعلام الرجال للشيخ البرقي رحمه الله / السبب في تضعيفهم لروايات البرقي/ لا وجه للتضعيف المذكور / حديث الصفار حول الحيرة يحمل على وجوه.
بسمه تعالى
الجواب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الشيخ المحدّث أبا جعفر أحمد بن محمد بن خالد البرقي المتوفى عام 274للهجرة، ثقة جليل؛ وقد وثقه النجاشي والطوسي والعلامة والمجلسي وغيرهم، بل لا نبالغ بالقول في أن البرقي من أعمدة الرواة الأجلاء؛ وهو من أصحاب الإمامين الجواد والهادي عليهما السلام، وكان في زمان الإمام العسكري عليه السلام ولم يتفق له الرواية عنه، ولعلَّ ذلك بسبب عدم رؤيته للإمام العسكري عليه السلام باعتبار أنه كان من سكان إيران، والشقة بينه وبين الإمام عليه السلام الذي كان يقطن سامراء بعيدة، أو لعل السبب في عدم روايته عنه بسبب شدة التقية في عصر إمامنا الحسن العسكري عليه السلام.
الحاصل: إن الرجل ثقة، وليس من الحيارى المشككين كما تفضلتم به في سؤالكم الكريم طبقاً لما توهمه أحد الرواة بحقه في حديث الحيرة، مع أن الكليني رحمه الله روى عن البرقي اعترافه بالأئمة الاثني عشر؛ فأين يا ترى الحيرة أو الشك في الإمامين العسكري والقائم عليهما السلام الذي ألصقوه بالبرقي..؟!.
وأول من شكك فيه هو الصفار على ما يذكر أعلام الرجال، فقد رووا عن محمد بن يحيى قال: فقلت لمحمد بن الحسن الصفار : يا أبا جعفر وددت أن هذا الخبر جاء من غير جهة أحمد بن أبي عبد الله قال فقال : لقد حدثني قبل الحيرة بعشر سنين". ويقصد بالخبر ما رواه الكليني عن البرقي في حديث النص على الأئمة الأطهار عليهم السلام في حديث الخضر عليه السلام المشتمل على شهادة البرقي بإمامتهم عليهم السلام.
وهذا القول من محمد بن يحيى والاعتذار من الصفار يعطيان تضعيفهما لأحمد بن أبي عبد الله وأنه لم يكن عندهما في مقام العدالة والتوثيق ، ونعم ما ذكره أحد الأعلام دفاعاً عن البرقي، حيث قال:" ورأيت جماعة من الناظرين في الحديث قد تحيروا في معنى الحيرة الواقعة في هذا الخبر فاحتملوا أن المراد تحير أحمد بن محمد في المذهب ، أو خرافته وتغيره في آخر عمره ، أو حيرته بعد إخراجه من قم ، أو حيرة الناس فيه بعد ذلك ، واعتمد أكثرهم على الأول وضعفوه بتوقفه في المذهب ، وذلك غفلة عن الاصطلاح المعروف في الحيرة؛ فإن المراد بها حيرة الغيبة ولذلك يسمى زمان الغيبة زمان الحيرة لتحير الناس فيه من جهة غيبة الإمام ، أو لوقوع الاختلاف والشك وتفرق الكلمة بعد غيبته ، وفي الحديث عن أبي غانم قال : سمعت أبا محمد ( ع ) يقول : في سنة مائتين وستين تفرق شيعتي ، قال أبو غانم : وفيها قبض ( ع ) وتفرقت شيعته ، فمنهم من انتهى إلى جعفر ، ومنهم من أتاه وشك ، ومنهم من وقف على الحيرة ، ومنهم من ثبت على دين الله . وقول محمد بن يحيى : " وددت أن هذا الخبر جاء من غير جهة أحمد بن أبي عبد الله " جار على المعهود من القميين من طعنهم في أحمد بعدم مبالاته في الرواية واعتماده المراسيل وأخذه من الضعفاء وكذا اعتذار الصفار بأنه قد حدثه بهذا الحديث قبل الحيرة بعشر ، فإنهما من مشايخ قم ووجوه القميين وقد كانوا سيئ الرأي في أحمد بن أبي عبد الله وبناء الاعتذار: إما على أن تغيره عندهم قد كان بعد الغيبة فلا يقدح في المروى عنه قبلها ، أو على أن احتمال عدم صحة هذا الخبر إنما يتأتى لو أخبر به بعد الغيبة أما قبلها فلا فإن في الحديث " واشهد على رجل من ولد الحسن ( ع ) لا يكنى ولا يسمى حتى يظهر أمره فيملأها عدلا كما ملئت جورا " وهذا غيب لا يجترئ عليه عاقل قبل وقوعه مخافة الشنعة والتكذيب؛ وكيف كان، فليس المراد حيرته في الإمامة وتوقفه فيمن توقف وإلا لنقل ذلك عنه وكان من أكبر الطعون فيه وروايته لهذا الحديث وغيره من النصوص على الاثني عشر ( ع ) تنافى ذلك وتخالف غرضه لو كان متوقفا في القائم ( ع ) وقد يوهم القدح فيه من غير جهة القميين المتسرعين إلى الطعن بأدنى سبب..". انتهى كلامه وهو متين.
فما رواه محمد بن يحيى والصفار، صار مستمسكاً للقدح فيه وترك رواياته، وهو خطأ محض؛ لأن كتابه المحاسن من أهم كتب المصادر الحديثية التي نقل منها الكليني والطوسي وغيرهما من أجلاء الطائفة المحقة، وأغلبها ـــ إن لم يكن كلها ــ مدعومة بالقرائن والشواهد الدالة على صدقها وصحة متونها؛ ولا يلتفت إلى طعن القميين فيه أيام الصدوق فإن الطعن في كل راوٍ للكرامات والمعاجز وأسرار الإمامة والولاية كان ديدنهم ــ ولا يزال ــ إلى اليوم، إلا من رحم ربي وقليل ما هم...وقد كان أبوه من أصحاب الإمام الرضا عليه السلام، وأما ابنه أحمد أي البرقي، فهو من ثقات الرواة الأجلاء الذين لا يجوز الطعن بهم والقدح في رواياتهم للأخبار عن الأئمة الأطهار عليهم السلام، ومجرد روايته عن الضعفاء لا يبرر الطعن في شخصه، مع أن الأجلاء رووا عن الضعفاء كثيراً ولم يقدح بهم أحد إلا أن البرقي قدح فيه لروايته لأخبار الفضائل والأسرار....وقد بالغ الخاجوئي في الرسائل الفقهية في ذمه وعدم اعتبار رواياته مع أن أغلب رواياته مدعومة بالقرائن والشواهد الموافقة للكتاب والأخبار القطعية الصدور، ما يعني أن وراء الأكمة ما وراءها...!؛ وقد أسهب محقق كتاب المحاسن في تفنيد دعوى الطعن على البرقي فلتراجع لأهميتها...والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حررها العبد الأحقر
محمد جميل حمُّود العاملي
بيروت بتاريخ 2 جمادى الأولى
1436هـ.