دفع شبهة نسبة وضع ريشة أو ريشتين على خوذة أو عمامة المولى المعظم أبي الفضل العباس وبقية المعصومين عليهم السلام
السؤال:
بسم الله الرحمان الرحيم
أللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعداءهم
السلام على من إتبع الهدى ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم شيخنا الجليل آية الله العلامة المحقق الشيخ محمد جميل حمود العاملي
تحية طيبة وبعد
لدي سؤال للإستضياح فقط حول مسألة أراها في كثير من المواقع الحسينية وبعض الأفلام .
السؤال: نرى في بعض المسلسلات او الصور على رأس المولى المعظم أبي الفضل العباس صلوات الله عليه ريشة ؟ فما هورأيكم بهذا الفعل
جزاكم الله خير الجزاء (تاريخ ٢٧-٤-٢٠٠٨) جُدد نشره بتاريخ٢١ تموز ٢٠٢٣ م الموافق ٢ محرم الحرام ١٤٤٤ هجري.
---------
الموضوع الفقهي الشعائري:(دفع شبهة نسبة وضع ريشة أو ريشتين على خوذة أو عمامة المولى المعظم أبي الفضل العباس وبقية المعصومين عليهم السلام..).
بسم الله جلّت عظمته
وعليكم السلام ورحمته وبركاته
الجواب
الحمد لله والصلاة على سيّدنا رسول الله محمد وآله الطاهرين..
من مصائب هذا العصر أن يعمَّ الجهل أكثرَ العلماء بأصول التاريخ وتفاصيل رجالاته، لذا ينبغي للفقيه أن ينكبَّ على حركة التاريخ لتكون فتواه وفق الأصول المقررة على ضوء الإنفتاح على ما أشرنا إليه آنفاً،
ومما يحزُّ في الفؤاد أننا نشاهد مظاهر تمثيلية في النجف وكربلاء وبقية بلدان العالم الإسلامي لا علاقة لها في بعض حيثياتها بالمظهر الخارجي للمعصوم (عليه السلام)، ومنه نصب ريشة أو أو ريش على خوذة المولى المعظَّم وليّ الله الصدّيق أبي الفضل العبّاس بن أمير المؤمنين علي (صلّى الله عليهما) بل تخطاه إلى الإمام المعظّم الفاروق الاكبر سيّدنا الحسين (صلّى الله عليه وآله) ولا مِن مُستَنكرٍ، ونحن نعذرهم لعدم الإستنكار لأنه فرع العلم بقباحة هذا الفعل، لكننا لا نعذرهم لهذا الجهل...
ومهما يكن الأمر: فإن نصب ريشة على خوزة المعصومين ومنهم المولى أبي الفضل العبّاس (عليه السلام) هو فعل مشين وبِدعة ألصقها الجهلاء بالمعصوم عليه السلام بدون دليل، وقد قام الدليل على عكسه وذلك بأمرين:
(الأول): أن هذا الفعل من صنع الرومان والبيزنطيين في عهود الدولة البيزنطية حيث كانوا يتغاوون ويفتخرون بنصب أسهم وريش على خوَذ جنودهم لا سيّما الأقوياء منهم والتأسي بالجاهلين حرام لكونه إنقياداً للشياطين وتشبهاً بهم ..
(الثاني): إن أول من تظاهر بها من عرب الجاهلية خالد بن الوليد الذي هدده عمر بن الخطاب( لعنهما الله) عندما قتل خالدُ بن الوليد مالكَ بن نويرة الصحابي الجليل ثم نزى على زوجته في نفس الليلة التي قُتل فيها زوجُها، وقد أقر عمر بن الخطاب بأن مالكاً إمرءاً مسلماً قُتل مظلوماً وإعتُدي على زوجته، لذا طلب من أبي بكر أن يقيم الحدَّ على خالد لكنّ أبا بكر تجاهل الأمر مدّعياً أن خالداً تأوَّل فأخطأ قائلاً لعمر: (أرفع لسانك عن خالد فإني لا أشيم سيفاً سلّه الله على الكافرين).
وودى مالكاً (أي أعطى وليَّه ديته) وكتب إلى خالد أن يقدم عليه فدخل المسجد وعليه قباء (وقد غرز في عمامته أسهماً) فقام إليه عمر فنزعها وحطمها، وقال له: (قتلت امرءاً مسلماً ثم نزوت على إمرأته، والله لأرجمنك بأحجارك...) وفي تعبير آخر( لأغرزنّها في رأسك) ثم دخل على أبي بكر فأخبره الخبر وإعتذر إليه فعذره وتجاوز عنه وعنّفه في التزويج الذي كانت عليه العرب من كراهته أيام الحرب.. القصة كاملة في الكامل في التاريخ ج 2 ص 358 حوادث سنة 11 للهجرة / ذكر مالك بن نويرة..
ملاحظة هامة :دعوى أبي بكر بأنّ التزويج أيام الحرب مكروهة كذبٌ صريح لأنّ العامة أنفسهم رووا أنّ النبيّ صلوات الله عليه وآله أمر أصحابه أن يتمتعوا في السفر، فلو كان ذلك مكروهاً لما أمرهم به الرسول الأعظم عليه وآله السلام ،مضافاً إلى أنّ الأمر لو كان مجرد مكروه لما أدّى ذلك أن يستنكر عليه عمر ويهدده بالقتل ،إذ إنّ فاعل المكروه لا يستوجب القتل ..فالصحيح أنّ أبا بكر أراد التغطية على خالد وصرف أنظار الناس عن فعله القبيح والمحرّم ...مع التأكيد على أنّه لو كان ما ذكره أبو بكر صحيحاً فلمَ جابه عمر بالقول بأنّ خالداً تأوّل فأخطأ ؟؟؟
وزبدة المخض: أن غرز الريش والأسهم في العمامة أو الخوذة من أفعال الجاهليين المغرورين في جزيرة العرب، فإلصاق التهمة إلى المعصوم عليه السلام بغرز الريش فيها يعتبر تلفيقاً على المعصوم وبالتالي تكون النسبة بدعة أقحموها على المعصوم عليه السلام وذلك لأنها إدخال شيء في الدين هو ليس من الدين، وعليه فيكون حراماً وإفتراءً على الموالي العظام لعن الله ظالميهم من الأولين والآخرين.
والله تعالى يتولى الصالحين
خادم الشريعة الغراء/ محمد جميل حمود العاملي/ بيروت/ بتاريخ ٢ محرّم الحرام ١٤٤٤ هجري قمري.
