هل تطهر الشمس العربات المتنقلة والكراسي المثبتة في الشوارع لو كانت متنجسة...؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا الفاضل
هنالك كرفانات كبيرة وكراسي ثابته على أرصف الشوارع وتصيبها نجاسه مثل البول وغيرها أو تمسها يد نجسه فهل تعتبر هذه الأشياء من الثوابت فتطهر بالشمس ؟
*********
الموضوع الفقهي:(هل تطهر الشمس العربات المتنقلة والكراسي المثبتة في الشوارع لو كانت متنجسة...؟).
بسم الله جلَّت عظمته
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الجواب: الشمس تطهر الارض وغيرها من كلّ ما لا ينقل كالأبنية والحيطان مما طُلي عليها من الجص والزفت والصباغ أي الأدهان الصناعية ونحوها..ولا تُطهِّر كلَّ ما يمكن نقله أو رفعه من الأرض أو فكّه من الحائط..وما ورد في خبر أبي بكر الحضرمي عن الإمام أبي جعفر عليه السلام قال: (يا أبا بكر ! ما أشرقت عليه الشمس فقد طهُر) فهو محمول على كلّ ما لا يُنقل أي يُحمَل على الثوابت التي لا يمكن رفعها من الارض أو الحائط أو لا يمكن تفكيكها؛ ولا تشمل البواري والحصر وما يمكن نقله..ويستثنى من ذلك الأحجار المعدودة من أجزاء الأرض؛ والحصى والتراب فإنّ هذه الأشياء بحكم الأرض في طهارتها بالشمس وإن كانت في نفسها من المنقولات وذلك لوجود النصوص الدالة على ذلك فلا يقاس بها غيرها.
وأمّا صحيحة علي بن جعفر عن أخيه الإمام موسى بن جعفر عليه السلام قال: (سألته عن البواري يصيبها البول هل تصلح الصلاة عليها إذا جفت من غير أن تُغسَل؟ قال: نعم لا بأس). فهذه الصحيحة في مقام بيان سؤال علي بن جعفر عن صحة الصلاة على البواري المتنجسة بنجاسة جافة بواسطة الهواء أو الشمس..فأجابه الإمام عليه السلام بأنه يجوز الصلاة على البواري المتنجسة بنجاسة جافة..فكان جوابه إعطاء ضابطة في صحة الصلاة على شيء متنجس جاف ولم يكن في مقام بيان إرتفاع النجاسة عن البواري بمجرد جفافها..فالصلاة شيء والحكم بطهارة البواري شيء آخر؛ فالخلط بينهما إشتباه محض.
هذا مضافاً إلى ان النجاسة الجامدة في الارض الترابية لا تطهرها الشمس إلا بقلع عين النجاسة من الأساس ثم صب الماء القليل عليها، والأفضل والاحوط صب الماء مرتين على الارض الترابية..وأمَّا الارض الصلبة كما في البيوت المبلطة بالموازيك والمطينة بالإسمنت فلا تطهر إلا بالماء.
والحاصل: إن خبر علي بن جعفر ليس كافياً في الحكم بطهارة البواري بالشمس، لذا حمل المحدّث الشيخ الحر العاملي في وسائل الشيعة الخبر المذكور على التقية لأن العامة يفتون بطهارة البواري والحصر المتنجسة..!! ولكن الصحيح هو العكس إذ إن موضوع خبر علي بن جعفر يختلف تماماً عن موضوع تطهير الشمس للبواري..فهو خارج حكماً وموضوعاً عن المطهرات بالشمس..فتأملوا.
ولو سلمنا جدلاً بأن الشمس تطهر الحصر والبواري، فهي محمولة على رفع العسر والحرج في عصور الأئمة الاطهار عليهم السلام لأن الحصر والبواري كانت مصنوعة من القصب فحملها للتطهير كان يؤدي إلى تكسير القصب وهو صعب عسير..كما أشار أحد الاعلام ولكنه فرض عليل لا يصلح للإستدلال كما أشرنا سابقاً؛ والأقوى عندنا عدم طهارة البواري المتنجسة حتى لو رُشَّت بالماء وأشرقت عليها الشمس للنكتة العلمية الفقهية التي أشرنا إليها تعقيباً على خبر الحضرمي وعلي بن جعفر...والكراسي الثابتة في الأرض يمكن تطهيرها بسهولة في زماننا هذا بوجود خراطيم المياه التي بواسطتها يتم تطهير ما كان يصعب تطهيره في زمن النبي وآله الأطهار عليهم السلام فتطهر بالكر مرة واحدة وبالقليل مرتين والافضل التطهير بالكر.
والكرافانات( وهي عربات النقل المتنقلة لأغراض تجارية وترفيهية) لم يفتِ أحدٌ بتطهيرها بالشمس لأنها ليست من الأشياء الثابتة في الأرض فلا يشملها حكم التطهير بالشمس بل يجب تطهيرها بشكلٍ عام بالماء - كما لو تنجس خارجها وإطاراتها - كما يجب تطهير كراسيها أيضاً بالماء، ونظيرها كالسفن والطائرات..
(وبناءً على ما تقدَّم):فإن الكراسي المثبتة في الأرض لا تطهر بالشمس لأنها فاقدة للشروط المعتبرة في التطهير بل يجب تطهيرها بالماء تماماً كالحبال المتنجسة لنشر الغسيل فإنها لا تطهر بالشمس بل يجب تطهيرها بالماء لأنها قابلة للفك والتطهير بماء الخرطوم مرة واحدة او مرتين او ثلاث بالقليل وما شابه ذلك...فليس كل مثبت في الحائط أو الأرض يسري عليه حكم التطهير بالشمس..فما ذكره بعض الأعلام من أن كلَّ ما كان مثبتاً في حائط أو الأرض يطهر بالشمس بشرط كونه رطباً..هذه دعوى ضعيفة ولا يعوّل عليها..فالصحيح هو أنَّ كلَّ شيء متحرك أو ثابت يمكن رفعه عن الأرض أو من الحائط كالمسامير والابواب والأخشاب يجب تطهيرها بالماء..والله وليُّ المتقين.
كلبهم باسطٌ ذراعيه بالوصيد
محمَّد جميل حمُّود العاملي
بيروت/ بتاريخ ١٩ ذي الحجة
١٤٤٥ هجري قمري.