يجوز للبنت البالغة الكشف عن صدرها أمام والدها بشروط
الإسم: *****
النص: اللهم صل على محمد وآل محمد ولعن اعدائهم ومنكري معاجزهم ومعارفهم والمعادين لهم ولشيعتهم آمين يارب العالمين
سماحة المرجع الشيخ محمد جميل حمود العاملي آدام الله ظله
السؤال : هل يعد كشف البنت ذات 24 سنة صدرها لابيها جائز شرعاً اذا لم يترتب على ذلك مفسدة؟
الموضوع الفقهي: يجوز للبنت البالغة الكشف عن صدرها أمام والدها بشروط.
بسمه تعالى
السلام على الأخ العزيز ...ورحمة الله وبركاته
الجواب: يجوز للبنت أن تكشف عن صدرها أمام أبيها أو أخيها أو أحد من محارمها إذا لم يترتب على ذلك ريبة أو فتنة، وأما كشف الثديين أمام الوالد أو المحارم كالأخ والخال والعم فمكروه إذا لم يترتب عليه فتنة وريبة وإلا فغير جائز على الإطلاق وهو موضع اتفاق.
وأما سائر المواضع ـــ غير العورتين عند المرأة والرجل ــ كالفخذين والسرة والعانة والإليتين فموضع خلاف، والأحوط وجوباً عندنا التستر عن المحارم والمماثل في هذه المواضع المذكورة آنفاً. كما أن الأحوط استحباباً ستر البنت سائر جسمها أمام محارمها حتى لو لم يؤدِ ذلك إلى فتنة وريبة وذلك لأمرين:
الأمر الأول: أن مولاتنا المعظمة سيِّدة النساء الصدّيقة الكبرى مولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام ولعن الله ظالميها لم تكن تتكشف أمام أبيها المعظم رسول الله صلى الله عليه وآله مع كونه معصوماً صلوات الله عليه وعليها... بل كانت القمة في العفاف والستر، ويفترض عقلاً وشرعاً على النساء اليوم أن يتخذن سيّدة النساء روحي فداها قدوة لهنَّ في أقوالهن وأفعالهنّ، لا أن يخلعن عفافهنّ أمام المحارم بحجة المحرمية، فكم من قصص رواها لنا الثقات كشفت عن حالات اغتصاب من قبل بعض المحارم كالأب يغتصب إبنته والأخ يغتصب أمه أو أخته بسبب التفلت من العفاف والستر والتزيّ بزيّ الفساق والتخلق بأخلاقهم وعاداتهم من تبرج وسفور الأم والأخت أمام الإخوة والأب وما يصدر من البنت أو الأم من حركات أمام الأولاد تؤدي إلى إثارة الغريزة عند الولد أو المحارم..فلا يجوز لمجتمعاتنا أن تكون متفلتةً من الضوابط التقوائية والأخلاقية بإلتزام الحشمة باللباس أمام المحارم فضلاً عن غير المحارم..فعندما ترتدي البنت بنطلوناً ضيقاً بحيث تفصل عورتها أمام أخيها وأبيها أو تكشح عن ثدييها أو ترتدي تنورة طولها شبر وتتجول أمام محارمها فإنه أمر خطير وغير جائز على الإطلاق حتى في الحالات العادية التي تؤدي في أغلب الأحيان إلى الإثارة عند المحارم، وذلك لأمرين:
الأول: أن ذلك مقدمة إلى نتائج قبيحة منها تحريك الشهوات وإثارة الغرائز الكامنة ولا ينتظر الأب أن تتحرك شهوة إبنه أو شهوته نحو محارمه حتى يمنع البنت من اللباس الخليع أمامه وأمام إخوتها الذكور بل يجب أن يوصد الحرام قبل ولادته ويجتثه من جذوره قبل أن يستفحل أمره.
الثاني:أن ذلك مستهجن في سيرة المتدينين الورعين، وهي سيرة متصلة بسيرة السلف الصالح من أصحاب أئمتنا الطاهرين عليهم السلام، تلك السيرة الناصعة المليئة بالطهر والعفاف في المنزل الواحد والأسرة الواحدة، بل ثمة إرشادات من رسول الله وأهل بيته الطيبين الطاهرين سلام الله عليهم تبيّن للمؤمنين كيفية تعاطيهم للباس من حيث كونه فضفاضاً يستر المفاتن عند الرجل والمرأة والأولاد فلا تظهر الزوجة مشاعر جنسية لزوجها أمام أولادها كما لا يظهر الزوج نفس المشاعر لزوجته أمام الأولاد لأن ذلك يحرك الغريزة لدى الأولاد ويؤدي ذلك إلى عواقب غير حميدة
الأمر الثاني: العمومات والإطلاقات في السنة الشريفة الآمرة على نحو الإستحباب بستر النساء للمواضع المثيرة ولو بعد حين كالجيب المتصل بالثديين بالإضافة إلى الثديين فضلاً عن السرة والفخذين اللذين وردت بشأنهما أخبار تأمر بستر السرة والفخذين عن المحارم، وقد أفتى السيّد الخوئي رحمه الله بسترهما عن المحارم إحتياطاً للرجال والنساء، والقول بالتعميم ــ بمعنى أن العورة هي ما بين السرة إلى الركبتين ــ منسوب إلى الفقيه الشيعي الفذ العلامة الحلبي رحمه الله وهو الظاهر عندنا أيضاً...وقد ورد إلينا أحد الإستفتاءات تشكو الأم من طفلها البالغ ثلاث سنين يحب النظر إلى ثديي أُمه بخلع حمالتها عن صدرها كما يحب النظر إليهما ولمسهما، وهو بالغ الخطورة على الحالة الإيمانية..اللهم فرج عنا بفرج وليّك...من هنا نفتي بوجوب تحفظ المرأة على مفاتنها عن أطفالها لا سيَّما الثديين والفخذين دون الجهة العليا من الصدر فإنه متسامح به عرفاً وشرعاً.
ورد النهي أيضاً ـــ وهو محمول على الكراهة ــ عن أن تلبس المرأة الثياب المصبغة أمام محارمها لما في ذلك من تحريك للمشاعر والغرائز الشيطانية حالاً ومستقبلاً، ففي خبر صحيح عن الحكم بن مسكين قال: حدثتني سعيدة ومنِّة أختا محمد بن أبي عمير بياع السابري قالتا : دخلنا على أبي عبد اللَّه عليه السّلام فقلنا : تعود المرأة أخاها قال « نعم » ، قلنا : تصافحه قال « من وراء الثوب » ، قالت إحداهما : إن أختي هذه تعود إخوتها ، قال « إذا عدت إخوتك فلا تلبسي المصبغة » . المراد من المصبغة هو الثياب الملونة، كما ورد في بعض الأخبار النهي عن لبس الثياب الرقيقة وهي مطلقة تشمل النهي عن لبسها أمام المحارم وغير المحارم كالخبر المروي عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله قال:« من أطاع امرأته أكبّه اللَّه على وجهه في النّار ، قيل: وما تلك الطَّاعة ؟ قال : تطلب منه أن تذهب إلى الحمّامات ، والعرسات ، والنّياحات ، ولبس الثّياب الرّقاق فيجيبها» .
فقد نهى الخبر الشريف عن أن يسمح الزوج لزوجته في الذهاب للحمامات ولبس الثياب الرقاق لأنها خلاف الحشمة والعفاف إلا للزوج فإنه مستحب مؤكد، وقد أفتى الشيخ المفيد بكراهة لبس الثياب الرقاق مطلقاً أمام المحارم والنساء بقرينة الحمامات الواردة في الخبر، قال المفيد في المقنعة:« ولا ينبغي لهن أن يلبسن الثياب الرقاق ، ولا بأس أن يلبسن المضبع منها إذا كن ذوات بعول يتزين بذلك لبعولتهن خاصة ، دون غيرهم من الناس . ولا ينبغي للمرأة الحرة المسلمة أن تضاجع ــ أي تنام مع إمرأة على فراش واحد ـــ امرأة ليس بينها وبينها رحم على فراش واحد ، وتعرى من الثياب ، ولا تجتمع معها في لحاف أو إزار إلا أن يكون عليهما لباس يواري أجسادهما ، ولا يجوز ذلك مع التعري من اللباس....».
فليتدبر إخواننا المؤمنون في ذلك جيداً وليتقوا الله في محارمهم بحفظهن عن التحلل أمامهم فإن التقوى حياة القلوب...والله تعالى هو حسبنا ونعم الوكيل والسلام عليكم.
حررها العبد الفقير إلى ربّه محمد جميل حمود العاملي
بيروت بتاريخ 5 جمادى الثانية 1435هـ.