الرواية المتقدمة تجري فيها قاعدة الفراغ لا التجاوز / التذكر في الرواية محمول على الشك لا النسيان / الفرق بين حالة الشك والنسيان في العمل العبادي / لا بأس بالعمل بالقواعد الأصولية بعد الفراغ من العمل حال الشك بصحة الفعل أو الشك في أصل وجوده
الإسم: *****
النص:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم شيخنا وحفظكم الله من كل سوء
ما معنى قول الامام عليه السلام: ( فذكرته تذكراً ) الواردة في هذه الرواية :" كل ما مضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكراً، فامضه، فلا إعادة عليك فيه ".
لماذا لم يقل نسيته نسياناً ؟
فكيف فهم من الرواية النسيان عن طريق اللفظ ( فذكرته تذكراً ؟.
الموضوع الفقهي الأصولي: الرواية المتقدمة تجري فيها قاعدة الفراغ لا التجاوز / التذكر في الرواية محمول على الشك لا النسيان / الفرق بين حالة الشك والنسيان في العمل العبادي / لا بأس بالعمل بالقواعد الأصولية بعد الفراغ من العمل حال الشك بصحة الفعل أو الشك في أصل وجوده.
بسمه تعالى
الجواب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرواية المذكورة في سؤالكم ضعيفة السند بالحسن بن الحسين اللؤلؤي، وفي توثيقه كلام بين الأعلام الرجاليين؛ وبالرغم من ذلك، فقد حملها بعض أعلام الامامية على الشك في غسل عضو بعد الدخول في غيره، بمعنى أن المتوضئ يشك في أنه غسل يده اليمنى بعد دخوله في غسل اليسرى، فأفتى بعضهم ــ طبقاً لهذه الرواية وأمثالها ــ بعدم الاعتناء بشكه لقاعدة التجاوز، وهو اشتباه وخطأ في فهم مورد الرواية؛ ونحن نخالفهم كما خالفهم غيرنا فنبني على أن مورد الرواية هو الشك بعد الفراغ حال الشك في صحة الفعل أو الشك في تحقق وجوده ولا نبني في فهمنا للرواية على قاعدة التجاوز، وذلك لوجود قرينة في صدر الرواية وهي قوله عليه السلام:" كل ما مضى من صلاتك وطهورك.." فإن معناه أن الشك حصل بعد مضي الصلاة والطهور لا أنه حصل حال الصلاة أو الطهور... فمورد الرواية هو عدم الاعتناء بعد الفراغ من العمل، وهو متعين في قاعدة الفراغ وليس التجاوز.
والصحيح حملها ــ كما أشرنا إليه آنفاً ـــ على ما إذا انتهى من وضوئه فشك هل غسل يده أو وجهه؛ فهنا لا يعتني بشكه، وذلك لأن مورد الرواية هو الشك بعد الفراغ من العمل لا أثناء العمل حتى يمكن القول بقاعدة التجاوز...!.
والرواية تدور حول الشك في المشكوك به بعد الفراغ من العمل وليس النسيان كما تفضلتم به في سؤالكم الكريم، لأنه إذا تذكر أنه لم يغسل عضواً من أعضائه أو أنه لم يركع أو لم يسجد؛ ـــ لا أنه شك في أنه غسل أو ركع وما شابه ذلك؛ والعلم ببطلان العمل بسبب نقصان ركن أو واجب شيء، والشك في صحته أو أصل وجوده شيء آخر ـــ فلا تجري فيه قاعدة الفراغ ولا التجاوز بل يجب إعادة الوضوء أو الغسل لوضوح أنه علم بنقصان وضوئه، ــ لا أنه شكَّ ــ والعلم بالنقصان طريق لبطلان الوضوء أو الغسل أو الصلاة إجماعاً ونصاً...لأن قاعدة الفراغ إنما تجري في حال الشك في عدم الإتيان بالمشكوك به، ولا تجري في حال العلم بعدم إتيانه؛ من هنا حملها الأعلام على الشك في غسل العضو مع احتمال أنه غسله، ولم يحملها أحد على النسيان؛ وكأن مورد الرواية هو احتمال أن يكون غسل العضو، ولو بالاحتمال البعيد موجب للإعادة؛ فتأمل فإنه دقيق جداً. وإن كان الاحتياط في العبادة هو أن يعيد الغسل أو الوضوء لقاعدة الاشتغال، لما ورد في الأخبار من أن الاحتياط حسن على كل حال؛ ولقولهم عليهم السلام" احتط لدينك بما شئت" وقولهم عليهم السلام:" عليك بالحائطة لدينك" كما لا بأس في هذا المورد بالعمل بالقواعد الأصولية الأخرى كقاعدتي الاشتغال والاستصحاب ؛ فيستصحب عدم الغسل، ويعمل بالاحتياط لقاعدة الاشتغال الدالة على أن الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني....والله العالم. وهو الموفق للرشاد والسداد؛ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حررها العبد الفقير محمَّد جميل حمُّود العاملي
بيروت بتاريخ 3 جمادى الأولى 1436هـ.