أسئلة حول التطبير
بسم الله الرحمن الرحيم
Ahmad……..
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
سماحة الشيخ العلامة محمد العاملي أدام الله بقائكم وحفظكم من كل سوء، بعد الدعاء لكم بطول العمر وبالصحة والعافية.
نرجو من سماحتكم التفضل بالإجابة عن أسئلتي:
السؤال1:
كل عام نسمع من المعارضين للشعائر الحسينية أقوال عجيبة وأشد غرابة من العام الذي سبقه، أحدهم وهو معمم بحراني خلال مقابلته مع إحدى الصحف تهجم على مراجع التقليد، وطبعاً هذا دأبهم الدائم لأنهم لا يملكون كلاماً يقولوه، لكن الأغرب أنه خلال أقواله في تخطئة مراجع التقليد في إصدار فتاواهم بجواز التطبير قال:
"وأما وجوب دية الشجاج فهو محل إجماع بين الفقهاء إذ لم يستثن أحد منهم حتى الذين أفتوا بمشروعية التطبير في كتاب الديات من كتبهم التي دونوها جواز قيام شخص بشج رأس أحد من الناس وسقوط الدية عنه وأتحدى من ينكر ذلك أن يأتي بعبارة واحد منهم تفيد ذلك وهذا من الأدلة الصريحة على قطعية اشتباههم عند تجويز التطبير".
وقال أيضاً: "من يقوم بشق رؤوس الآخرين يلزمه حكم دفع دية الشجاج ولا تبرأ ذمته بصفح المطبر نفسه".
مولانا العظيم،ما هو رأيكم بهذا الكلام، وبغض النظر من أن كل طالب قد درس قليلاً وله حظ مختصر من العلم يستطيع أن يرد عليه، لكن نرجو منكم أن تبدوا رأيكم الكريم بهذا الشأن، وبشكلٍ مفصل، وفقكم الله للدفاع عن الشعائر الحسينية وصوتها.
والجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيّد المرسلين محمد وآله الطاهرين واللعنة الدائمة السرمدية على أعدائهم من الأولين والآخرين الى قيام يوم الدين ..
وبعد..الإتفاق والإجماع على وجوب دفع دية الشجاج على من شجّ رأس غيره إنّما يكون على من فعل ذلك بغيره إنتقاماً وتشفياً ،ومن دون مجوّزٍ شرعي ،أمّا لو قام الدليل والمجوّزالشرعي على ذلك فلا ديّةعليه ،نظير العمليات الجراحيّة في الأس التي يقوم بها الأطباء لغاية وفائدة راجعة للمريض،وهي فائدة ماديةٌ وكذا الحجامة في الرأس،فإنّ كلّ ذلك مباح ومجاز شرعاً لقيام الدليل العام أو الخاص على مشروعيته،ولم يفت أحدٌ على الإطلاق بوجوب الديّة على الطبيب،والأمركذلك بالنسبة إلى التطبير،فثمة مجوّزٍعام على جوازه وأنّه داخلٌ في باب الحجامة في الرأس وقد ورد إستحباب في ذلك ،وفائدة التطبير أعظم من الحجامة في الرأس لكونه زيادةً على إخراج الدم الفاسد منه فإنّ فيه الأجر الجزيل لإقترانه بالجزع على سيّد الشهداء الإمام الحسين المظلوم عليه السلام ،والتطبير من أبز مصاديق الحزن والجزع على الإمام عليه السلام وقد فصّلنا ذلك في كتابنا الموسوم ب(ردّ الهجوم عن شعائر الإمام الحسين المظلوم فليراجع فإنّ فيه فوائد كثيرة وأنصح إخواني الأعزاء الموالين لأهل بيت النبوة والطهارة أن ينكبوا على دراسته ومدارسته في الحوزات والمعاهد العلميّة لردّ غائلة هؤلاء المشككين الحاقدين على الشعائر المقدسة والتي منها التطبير ) ..
مضافاً إلى الإطلاقات والعمومات الدالة على إستحباب الجزع على الإمام عليه السلام والتي منها التطبير: أنّ التوابين بعد شهادة الإمام عليه السلام قد أدموا رؤوسهم بالحجارة ندماً على ما فاتهم من نصرة الإمام روحي فداه ،وكذا ما ورد عن أهل المدينة أنّهم نتفوا لحاهم حزناً وجزعاً على الإمام عليه السلام وكان ذلك بمرأى ونظر الإمام زين العابدين عليه السلام ولم يعترض على ذلك ،فدل الأمر على الجواز الشرعي ..وعليه فإذا قام الدليل على مشروعية التطبير فلا دية على من طبّر للآخرين ..
وبعبارة أخرى :إنّ الشرطين المتوفرين والمأخوذين في أصل الدية (وهما التشفي والإنتقام مضافاً إليه عدم وجود مجوّز شرعي )غير متوفرين في التطبير ،فيكون مباحاً شرعاً ،بل ومستحب لأنّه من أبرز مصاديق الجزع على سيّد الشهداء عليه السلام ،ولأنّه أيضاً من مصاديق العج والضجيج الواردين في دعاء الندبة حيث قال سيّدنا الإمام بقية الله الأعظم روحي وأرواح العالمين لتراب نعليه الفداء :(فعلى الآطائب من أهل محمد وعليّ فليبك الباكون وإياهم فليندب النادبون ولثلهم فلتذرف الدموع وليصرخ الصارخون ويضج الضاجون ويعج العاجون ..) وهل ثمة ضجيج وعجيج أفضل من صرخات المطبرين وقعقعة السيوف ؟؟؟كلا أيها المشككون وسيعلم الذين ظلموا آل محمد أيّ منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين ...
وبالجملة :لا تسقط الدية عمّن شجّ رأس غيره فيما إذا كان الشجُّ بغير مجوّزٍ شرعيٍٍٍ ،وأما إذا كان بمجوزشرعي فلا دية أصلاً وهو موضع إجماع بين عامة الفقهاء ،ولو وجبت الدية على كلّ من شجّ رأس غيره سوآء بحق أو بغير حق ،لوجبت حينئذٍ على الأطباء والحجامين ،ولم يفت بذلك أحد من علماء الخاصة والعامة ،فما إدعاه ذاك المشكك ينمُّ عن جهله بقضايا الفقه والإستدلال ،وهذه مصيبة عظمى ابتلت بها الطائفة المحقة حيث ثسلط عليها معممون جهلة دخلاء على الفقه والعقيدة ..
والحمد لله ربّ العالمين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مكتب
آية الله العلاّمة المحقِّق الشّيخ محمّد جميل حمّود العاملي
لبنان ــ بيروت
السؤال2:
ينتشر في الآونة الأخيرة وبقوة القول بأن التطبير يشوه المذهب، وأن هذا العصر ليس عصر التطبير!! فماذا قولكم وفقكم الله؟
والجواب:
إذا كان التشويه هو إستنكار غيرنا علينا في التطبير فسوف يعمُّ التشويه كلّ شعائرنا وأحكامنا الشرعيّة ،فهل يسوغ لنا حينئذٍ أن نلغيها من أصلها لأنّ ذلك يشوّه الدينبنظر أولئك المخالفين ؟؟!!مضافاً إلى ذلك فإنّ ثمة أموراً يفعلها المخالفون ونحن نستنكرها عليهم فلِمَ لا يحرّمونها على أنفسهم لأنّ ذلك يشوّه دينهم بحسب نظرنا ؟؟ فالعامة لا يبالون بإنتقادنا لهم ولا يعيروننا أهميةً فلمَ نعيرهم أهميّةً ونحسب لهم حساباً فيحاول بعض المنتسبين إلينا من أدعياء العلم فيحرّم ما أحلّ الله تعالى ؟؟!! يظهر أنّ المخالفين أحرص على حلال الله تعالى منكم أيها المشككون ...
والحمد لله ربّ العالمين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مكتب
آية الله العلاّمة المحقِّق الشّيخ محمّد جميل حمّود العاملي
لبنان ــ بيروت
السؤال3:
لقد تم توزيع منشورات في الآونة الأخيرة وقيل فيها أن زعماء الطائفة يقولون بحرمة التطبير وقد ذكر من ضمن هذه الفتاوى (فتوى السيد الخميني والسيد محسن الأمين والسيد الخوئي وغيرهم)، والسؤال هو: هل صحيح أن زعماء الطائفة يقولون بحرمة التطبير؟؟!، وهل هؤلاء المذكورين هم زعماء الطائفة الشيعية من زمن الغيبة أم هي حماقة من الذين يثرثرون؟؟
والجواب:
هؤلاء العلماء ليسوا زعماء الطائفة الشيعية المحقة بل هم من علمائها يصيبون ويخطئون في أفكارهم وإستنتاجاتهم الفكرية ،فالتمسك بهم والتمسح بأذيالهم عند من لا يستحسن التطبيرليس إعتقاداً بعلمهم وتقاهم وإنّما لجرّ منفعة إلى خطهم الذي يميلون إليه ،ولو حلّل هؤلاء الذين جعلوهم زعماء الطائفة التطبير لكانوا عندهم من المركوسين والمنكوسين في درجات الجحيم ..مضافاً إلى ذلك فإنّ الأكثرية من فقهاء الإمامية أفتوا بجواز التطبير وبعض ذهب إلى الإستحباب ونحن منهم ..فلماذا يتمسكون بأولئك ولا يتمسكون بنا ؟؟ ألأننا لا نوافقهم على رغباتهم ونزواتهم التي من خلالها يوم القيامة سيندمون ..وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون ..
والحمد لله ربّ العالمين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مكتب
آية الله العلاّمة المحقِّق الشّيخ محمّد جميل حمّود العاملي
لبنان ــ بيروت
السؤال4:
هناك علماء قد اشتهر في حياتهم تأييدهم للتطبير ولكن بعد وفاتهم خرجت فتاوى لهم بحرمة التطبير لم تكن موجودة في زمن حياتهم!!، مثل السيد محسن الحكيم والسيد أبو الحسن الاصفهاني والشيخ الأراكي.. وغيرهم، فهل أن بعض الحواشي التابعة لبعض العلماء يتصرفون بالختم الشريف للأغراض والمقاصد المريضة؟؟!
والجواب:
لا يبعد ما ذكرتموه ..وعلى كلّ حالٍ فلا تغرنّكم الأسماء اللامعة فإنّ الحق فوق ذلك ،أعرفوا الحق تتعرفون حينئذٍ على أهله كما قال ألإمام عليه السلام : أعرف الحق تعرف أهله .. ويعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال ..
والحمد لله ربّ العالمين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مكتب
آية الله العلاّمة المحقِّق الشّيخ محمّد جميل حمّود العاملي
لبنان ــ بيروت