الشك في غسل العضو السابق بعد الشروع في اللاحق في غسل الجنابة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤال
عندما تم غسل الرأس والرقبة في غسل الجنابة وشرعت في غسل الشق الأيمن، شككت في غسل جزء من الرأس هل اكمل غسلي ولا اعتني بهذا الشك وهل تنطبق قاعدة الفراغ على مثل هكذا شك؟
_____
الموضوع الفقهي:(الشك في غسل العضو السابق بعد الشروع في اللاحق في غسل الجنابة..)
وعليكم السلام ورحمته وبركاته
الجواب: يجب على الأحوط وجوباً إعادة الغسل لمقام الشك في عدم غسل جزء من الرأس ولا نجري قاعدة الفراغ هنا تبرئة للذمة في مقام الفتوى بل نجري قاعدة الإستصحاب أي عند الشك في غسل العضو السابق نستصحب عدم غسله باعتبار أن الشاك ليس متيقناً بأنه غسل جزءً من رأسه، فالشك في مقابل اليقين، ولو كان متيقناً سابقاً لما صح منه الشك اللاحق( وهو قريب من الإستصحاب المقلوب: اي شك سابق ويقين لاحق)؛ فلا بُدَّ من غسله ليصبح على يقينٍ بالغسل..والإستصحاب مدعوم بأصالة الإشتغال الدالة على وجوب إفراغ الذمة بغسل كامل الرأس، فيجب حينئذٍ إعادة غسله وذلك لأن الإشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني..فذمة المكلّف مشغولة بالغسل التام، فيجب أن يفرغ ذمته بأدائه كاملاً من دون نقصانٍ بجزء أو شرط.
وإن كنَّا لا نعوّل على الإستصحاب بمقدار ما نعوّل على الإشتغال والإحتياط.
هذا كلّه بحسب مقام الفتوى المبنية على أصالة الإشتغال؛ولكن بحسب مقام الإستدلال بالقاعدتين المعروفتين بقاعدتي: (الفراغ والتجاوز) نقول: تجري هنا في المقام قاعدة الفراغ كما تجري فيه قاعدة التجاوز على مبنى من قال إن القاعدتين مندمجتان مع بعضهما البعض من حيثية التفريعات المترتبة على معالجة الشك في الجزء السابق عند الدخول في الجزء اللاحق، سواء أكان ذلك في الصلاة أو الغسل أو الوضوء وغير ذلك؛ وهناك خلاف عريض بين الفقهاء حول قاعدة التجاوز هل هي عامة؟ أم أنها خاصة في العبادات كالأذان والإقامة والصلاة إلا الوضوء فلا تجري فيه قاعدة التجاوز للنصوص الدالة على وجوب غسل العضو المشكوك فيه بعده كرواية زرارة عن الإمام أبي جعفر عليه السلام قال(إذا كنت قاعداً على وضوئك فلم تدر أغسلت ذراعيك أم لا، *فأعد عليهما وعلى جميع ما شككت فيه أنك لم تغسله وتمسحه*، مما سمى الله، ما دمت في حال الوضوء، فإذا قمت عن الوضوء، وفرغت منه، وقد صرت في حال أخرى في الصلاة، أو في غيرها، فشككت في بعض ما سمى الله مما أوجب الله عليك فيه وضوئه، لا شيء عليك فيه، فإن شككت في مسح رأسك فأصبت في لحيتك بللا فامسح بها عليه، وعلى ظهر قدميك، فإن لم تصب بللاً فلا تنقض الوضوء بالشك، وامض في صلاتك، وإن تيقنت أنك لم تتم وضوئك فأعد على ما تركت يقينا، حتى تأتي على الوضوء، الحديث).
وبالجملة:فإن قاعدة التجاوز خاصة بأبواب الصلاة عند البعض من فقهاء الإمامية؛ بينما قاعدة الفراغ عامة تشمل العبادات وغيرها..لعموم قول الإمام الباقر عليه السلام( كلّما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو..) فتجري قاعدة الفراغ في الوضوء وغسل الجنابة والمعاملات بمقتضى عموم التعليل .
والأقوى عندنا أن قاعدة التجاوز خاصة بالصلاة فقط لورود الروايات الدالة على أنها خاصة في الصلاة وهو القدر المتيقن من نفس الخطاب والمحاورة؛فإن الخطاب والمحاورة بين زرارة والإمام الصادق عليه السلام كانا يدوران حول الاذان والإقامة والصلاة ولم يتناولا شيئاً آخر غير الصلاة، والقدر المتيقن في مقام التخاطب يمنع من التمسك بالإطلاق وبالتالي لا يصح مساواة قاعدة التجاوز بقاعدة الفراغ من ناحية الشكل، وهذا ما تبناه صاحب الكفاية الآخوند الخراساني وهو ما نبني عليه أيضاً..فقاعدة التجاوز تختلف في تطبيق المحمول على الموضوع الخاص بها، فهي خاصة في الصلاةبينما قاعدة الفراغ تشمل الوضوء والغسل وجميع العبادات والمعاملات..وهناك ردود وإشكالات اصولية كثيرة حول الموضوع لا نفع فيها..لذا لا يصح ذكرها في هذه الإجابة المختصرة حول الشك في غسل عضو بعدما دخل في عضو آخر...والله العالم.
العبد الفقير الى رحمة ربّه
محمّد جميل حمّود العاملي
بيروت بتاريخ ٢٩ جمادى الأولى/ ١٤٤٥ هجري قمري.