• الصفحة الرئيسية

ترجمة آية الله العاملي :

المركز :

بحوث فقهيّة وعقائديّة/ اردو :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مجلّة لسان الصدق الباكستانيّة (3)
  • بحث فقهي عن الشهادة الثالثة (1)

محاضرات آية الله العاملي :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • سيرة الإمام الحجّة (عليه السلام) (121)
  • مظلوميّة الصدِّيقة الطاهرة فاطمة (عليها السلام) (20)
  • شبهات وردود حول فقه السيرة الحسينية (11)
  • من هم أهل الثغور؟ (1)
  • محاضرات متفرقة (15)
  • شبهات وردود حول ظلامات سيّدتنا فاطمة عليها السلام (2)
  • الشعائر الحسينية - شبهات وردود (محرم1435هـ/2014م) (9)
  • زيارة أربعين سيّد الشهداء (عليه السلام) (2)
  • البحث القصصي في السيرة المهدوية (22)
  • سيرة الإمام زين العابدين (عليه السلام) (6)

أدعية وزيارات ونعي :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • أدعية (14)
  • زيارات (9)
  • نعي، لطميّات (4)

العقائد والتاريخ :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • شبهات وردود (458)
  • عقائدنا في الزيارات (2)

الفقه :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • إستفتاءات وأجوبة (1178)
  • أرسل سؤالك

علم الرجال :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مواضيع رجاليّة (102)

مواضيع مشتركة ومتفرقة :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مراسلات زوّار الموقع للمركز (4)
  • كلمة - رأي - منفعة (20)
  • نصائح (5)
  • فلسفة ومنطق (4)
  • رسائل تحقيقيّة (3)
  • مواضيع أخلاقيّة (3)
  • فقهي عقائدي (35)
  • فقهي أصولي (11)
  • فقهي تاريخي (6)
  • شعائري / فقهي شعائري (26)
  • مواضيع متفرقة (22)
  • تفسيري (15)

مؤلفات آية الله العاملي :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • مؤلفات عقائديّة (15)
  • مؤلفات فقهيّة (13)

بيانات :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • بيانات وإعلانات (35)

المؤلفات والكتب :

 
 
 

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية لهذا القسم
  • أرشيف مواضيع هذا القسم
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح
  • أضف الموقع للمفضلة
  • إتصل بنا

 
 • اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم وأهلك أعداءهم • 
  • القسم الرئيسي : الفقه .

        • القسم الفرعي : إستفتاءات وأجوبة .

              • الموضوع : ما الدليل على وجوب قتل المرتد؟ .

ما الدليل على وجوب قتل المرتد؟

الإسم: ***** 

النص: 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

ماهو الدليل القرأني (القرآني) على وجوب قتل المرتد ؟

وكيف يتم الجمع بين حريه العقيدة وأن الانسان في الحياة الدنيا مخير وبين قتل المرتد لسبب عقائدي .فأذا (فإذا) ثبت حد الردة فان (فإن) قاعدة ان المسلم مخير تصبح غير حقيقية.


الموضوع الفقهي: ما الدليل على وجوب قتل المرتد؟

  التفاصيل: الآيات الدالة على وجوب قتل المرتد/ قتل المرتد لا يكون إلا بعد إلقاء الحُجَّة العقائدية عليه/ الأخبار ظاهرة بوضوح في قتل المرتد ضمن شروط/ كيفية الجمع بين حرية العقيدة للانسان في الحياة الدنيا وأنه مخيرٌ وبين قتل المرتد لسبب عقائدي/ أصناف من المرتدين لا يصح قتلهم/ قتل المرتد مشروط بحضور المعصوم عليه السلام وبسط يده/ لا إكراه في الدين لا يتعارض مع قتل المرتد.

بسمه تعالى

     والحمد لله تعالى والصلاة والسلام على رسول الله محمد وأهل بيته الأطهار، واللعنة الدائمة على أعدائهم أعداء الدين، ولعن من والاهم وتصدر ببدعتهم من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين، وبعد:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

     الجواب: هناك آيات خاصة واضحة في وجوب قتل المرتد، وآيات عامة يستفاد منها وجوب قتله بشروط معينة كشفت عنها الأخبار الشريفة.

فمن القسم الأول هناك عدة آيات منها:

   (الآية الأولى): قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) التوبة73؛ ووردت في سورة التحريم مرة أخرى بقوله تعالى:(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ )التحريم9؛ وقد جاء في تفسيرهما ـــ كما في مجمع البيان ــــ:" أن جهاد الكفار هو بقتالهم واستئصالهم بالسيف، واختلفوا في كيفية جهاد المنافقين، فقيل: إن جهادهم باللسان والوعظ والتخويف..وقيل: جهادهم بإقامة الحدود عليهم.....".

  إن الكفار يستحقون القتل بعد إبلاغهم الحجة وإنذارهم وتحذيرهم من مغبة البقاء على كفرهم وجحودهم، والمرتد واحد منهم بحكم الإطلاق في حكم الكفر، فلا تخصيص في البين حتى يدَّعى خروج المرتد عن حكم القتل...!

  وعفو النبي الأعظم صلى الله عليه وآله عن قتل المنافقين والكافرين لا يعني بالضرورة أنهم لا يستحقون القتل، بل لأن العفو عنهم له مقتضياته وأسبابه الداعية إليه يومذاك.

     الكلام كلّ الكلام في الآية المتقدمة إنما هو حول جهاد الكفار بقتلهم بشتى أصنافهم: الحربي ـــ الذمي أو المعاهد ـــ المرتد. وقد استثنى الله تعالى منهم الذمي أو المعاهد وبقي اثنان هما:الحربي والمرتد؛ وحيث إن الإسلام لم يلزم النصارى واليهود في الدخول بالإسلام عنوة وقهراً، فمقتضى رحمة الله تعالى في الدنيا أنه لم يقهرهم على الإيمان برسالة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله فقد ألزمهم بدفع الجزية مع البقاء على ديانتهم اليهودية والنصرانية؛ وأما الكتابي الحربي فإن كفَّ عن قتال المسلمين فلا يوجب عليه الإسلام الدخول في دينه وإنما عليه أن يدفع الجزية في حال أصر على الكفر، فالكافر الذمي والحربي لم يدخلا الإسلام حتى يصدق عليهما الإرتداد، بل اختارا الكفر وبقيا عليه، والله سبحانه قد خيرهما في ذلك ولكنه وعدهما بالنار يوم الحساب، بينما المرتد يختلف حكمه عن الذمي والحربي بسبب اختلاف الحالة التي كان عليها المرتد وهي الإسلام؛ فقد خيّر الله تعالى العباد بين الإسلام والكفر، فمن اختار الكفر وبقي عليه فإنه سوف يتحمل عواقبه السيئة ولا يقهره على الإسلام أبداً، ومن اختار الإسلام لا يحق له العدول عنه إلى الكفر مرة ثانية لأنه عودٌ للكفر بعد الإيمان، وربنا المتعال لم يفوض للعبد أن يختار الكفر بعد الإيمان، وإن اختاره فإنه سوف يعاقب في الدنيا بإقامة الحد عليه، وله في الآخرة عذاب النار...وهو ما دلت عليه الآية الثانية 74 من سورة التوبة.

   (الآية الثانية): قوله تعالى (يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ) التوبة 74؛ وهي في سياق الآية المتقدمة عليها في سورة التوبة، وهي أوضح من الأولى من حيثة بيان الحكم على المرتد، فقد كشفت الآية عن حقيقة جماعة من المسلمين كفروا بعد إسلامهم (أي ارتدوا ) وقد هددهم الله تعالى بإقامة الحد عليهم إذا لم يتوبوا بقوله تعالى (وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ)، ويستدل على قتلهم بذيل الآية (يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ)؛ فالتولي هو الإعراض عن التوبة والعودة إلى الإسلام، وحكم المعرض عن الإسلام بعدما كان مسلماً هو التعذيب في الدنيا، وهو يعني القتل.

    يضاف إلى ما أشرنا: إن العذاب الأليم لا يكون بالزجر بالكلمة والتأنيب، وإنما يكون بإقامة الحد على المرتد، وهؤلاء المذكورين في الآية هم جماعة من الصحابة المنافقين الذين هموا بقتل النبي الأعظم صلى الله عليه وآله في العقبة، وقد جاء في تفسير قوله تعالى (وَإِن يَتَوَلّوْا يُعَذّبْهُمُ اللّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدّنْيَا وَالاَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأرْضِ مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ) أي في الدنيا بالقتل وفي الآخرة بالنار. وهذا هو الفهم الصحيح للآية المباركة... فتأمل.

   والقتل الفوري خاص بالكافر الفطري أي من كان متولداً من أبوين مسلمين ثم كفر، وتبين منه زوجته حال ارتداده وتعتد منه عدة الوفاة؛ ولا يشمل القتل الفوري الكافر الملي الذي كان كافراً ثم آمن ثم كفر فهذا يستتاب، فإن تاب خلال ثلاثة أيام فهو وإلا قتل في اليوم الرابع؛ فيفترق الفطري عن الملي بأن الفطري لا يستتاب، بينما الملي يستتاب، وذلك لأن الفطري غير معذور في كفره باعتباره متولداً من أبوين مسلمين فلم يُسْبَق برواسبَ كفرية تجعله يحنُّ إلى أصله بالكفر، بينما الثاني أي الملي كان كافراً ثم أسلم ثم كفر فلربما سبقه حنين إلى عقائده الكفرية السابقة بسبب سهولة دينهم وتحللهم من القيود التي وجدها كثيرة في الإسلام كحرمة شرب الخمر وأكل لحم الخنزير وغيرها من المحرمات التي تسهل عليه دنياه..فهذا يستتاب ثلاثة أيم لأجل إمهاله قليلاً حتى يفكر في العواقب والنتائج الوخيمة التي سيلاقيها وهي القتل...والقتل لا يكون إلا في عصر حضور المعصوم عليه السلام وليس في عصرنا الحاضر كما أوضحناه في أجوبتنا على بعض الفتاوى حول حرمة إقامة الحدود في عصر الغيبة الكبرى لإمامنا المعظم الحجة القائم (سلام الله عليه).

       وأما القسم الثاني من الآيات الكاشفة عن حال الكفار وأصحاب المعاصي الكبرى ــــ كاللواط والسحاق والزنا بالمحصنة والمغتصبة وما شابههم ـــ وتهديدهم بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة، وهي آيات عديدة مقرونة بتعذيب هؤلاء عقاباً لهم في الدنيا قبل الآخرة، منها قوله تعالى ( بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ومن يضلل الله فما له من هادٍ، لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِن وَاقٍ) الرعد  33 ــــــ 34 .

  فإذا وجب قتل المسلم لأنه قهر امرأة أجنبية على النكاح أو زنا بمحصنة ضمن شروط مفصلة في كتب الفقه الاستدلالي، فلماذا تستغربون من إقامة الحد على من هو أعظم منه فساداً وهو المرتد..؟!

  إن شريعتنا المطهرة لا تظلم أحداً وليست ناقصة حتى يستغرب من أحكامها المستغربون لا سيما وأن  أحكامها عادلة بحق من انتهك حرمة المولى تبارك اسمه وتعدى حدوده ومقامه المقدَّس..!

    ولم نكتفِ بالآيات الآمرة بوجوب قتل المرتد، بل هناك أخبار فاقت التواتر أمرت بقتل المرتد، ولا يجوز شرعاً ردُّها أو طرحها لأن عقول البعض لا تحتملها، ومن ردَّها فقد كفر بما نزل على رسول الله محمد صلى الله عليه وآله..!!

      وأما إشكالك حول حرية المعتقد كما في قولك:" وكيف يتم الجمع بين حريه العقيدة وأن الانسان في الحياة الدنيا مخير وبين قتل المرتد لسبب عقائدي؛ فإذا ثبت حدُّ الردة، فإن قاعدة:" أن المسلم مخيرٌ " تصبح غير حقيقية؛ إذ إنه في الواقع إشكال سجله كفار أوروبا على علماء المسلمين حيث جعلوا من الاعتقاد الديني علامة الكبت وهو خلاف الحرية التي يجب أن يتحلى بها المرء..!!

    والجواب هو أن يقال: إن عقاب المرتد ليس على خلاف الحكمة الإلهية بل هو عين الحكمة والتعقل، وذلك لأمرين:

  (الأمر الأول): إن الله تعالى حكيم، وهو لا يفعل إلا الصواب والحكمة، وحيث إنه أمر بعقاب المرتد، فلا بد من التسليم لأمره تعالى والخضوع له.

  (الأمر الثاني): إن حرية المرء معتبرة في الإسلام ولكن لا يجوز لهذا الفرد أن يظهر عقيدة الكفر في مجتمع مسلم، لأن إظهاره للكفر يلوّث المجتمع المسلم ويعكر مزاجه وصفو حياته الروحية المقننة من قبل السماء، وهذا تماماً كبقية المجتمعات الغربية الملحدة التي لا تجيز للأفراد المسلمين إظهار عقائدهم التي تسمم مجتمعاتهم الملحدة والمارقة، وإن رأينا في القرن الحالي ما يبيح للمسلم الإجهار بعقائده إلا أنه أمر مشروط بضوابط في الأنظمة الغربية لا يسمح للمسلم بتجاوزها والتعدي عليها وإلا فإن مصيره السجن وقد يؤدي إلى قتله فيما لو كان عميلاً أو أراد تقويض أنظمتهم أو قتل الأبرياء واغتصب الأعراض وسرق الأموال وخرَّب البلاد وما شابه ذلك من موارد قضائية منصوص عليها في قوانينهم تثبت حق القتل لكل من أخل ببلادهم وتعدى عليها..! ولا زالت بعض الولايات الأمريكية تسن قتل المجرمين والسفاكين وهو حكم صحيح بحق كل مجرم... فقتل المجرم في بعض الأحيان رحمة للعباد والبلاد وإلا فإن بقاءه سيكون نقمة وعذاب على المجتمع..هذا حال المجرم المادي فكيف سيكون الحال بالمجرم النفسي والعقائدي كما هو حال الدواعش اليوم وغيرهم من نواصب هذا العصر ...! فهل تعتقدون بوجوب إعطائهم الحرية العقائدية في بلادنا بحجة أن لهم عقائدهم وأن قتلهم خلاف حرية المعتقد..؟! لا أظن عاقلاً يعتقد كما قد تتصورون وتعتقدون...!!

     إن إعطاء الحرية الاعتقادية لبعض المجرمين في عقائدهم هو كارثة ما بعدها كارثة على الصعيد الديني والمدني بل لم نعهده حتى في أرقى البلاد تحضراً مدنياً متفلتاً من الدين..! والأعظم من ذلك أن يعتقد واحد من المسلمين بوجوب إعطاء المجرم العقائدي حرية مطلقة يسرح بها ويمرح، وبها يقتل ويمثل ويغتصب الأعراض التي تخالفه في اعتقاده...!!! فهل تسمون هذا حرية اعتقاد يجب أن تكون عرفاً سائدةً في كل مجتمع متحضر علماني أو ديني..؟!

    إن الحياة المدنية والدينية لا تصلح إلا بنوعٍ خاص من العقيدة ـــ سواء أكانت العقيدة دينية أو مدنية ـــ لكي تبنى المجتمعات على أسس سليمة خالية من الفوضى والاضطراب المؤديين إلى الدمار والتحلل الأخلاقي والنفسي والعقائدي..وكل عقيدة تبني مجتمعها على أساس أخلاقي وعقائدي لا بد لها أن تحافظ على عقائدها ونظمها الأخلاقية والاقتصادية والسياسية حتى لا ينهدم المجتمع أو يتحلل من القيم الإنسانية، وكلامنا ههنا إنما هو في الأنظمة العادلة لا الفاسدة الظالمة التي يجب أن تزول من الوجود، ومثلها المجرمون بعقائدهم ونفسياتهم الظالمة لأنفسهم وللناس وللدين ورب العالمين سبحانه...!

  إن العقلاء في كل العالم وفي كل عصر ومصر يجعلون عقوبات شديدة على مخالف أسس أنظمتهم، بينما يجعلون العقاب الأخف للمخالف لقوانينهم الثانوية البسيطة، فهناك قوانين تعتبر مخالفتها تستحق القتل، بينما ثمة قوانين أخف منها تعتبر مخالفتها تستوجب الحبس أو التغريم أو الكفالة..وخير شاهد على ما أشرنا إليه ما كان متعارفاً في النظام القضائي الروسي عقوبة الإعدام لكل من سعى في هدم الأسس اللينينية الشيوعية، وكذلك الحال في النظام الرأسمالي الغربي كان عقوبة الساعي إلى هدم نظامهم الرأسمالي هو القتل أو السجن المؤبد، وكلا النظامين ينظران إلى المخالف لقوانينهما بمنزلة الهادم لمجتعاتهم المتمدنة بحسب نظرهم، وقد مثلوا للساعي في هدم دولهم وقوانينها بمن يحاول إغراق السفينة بأهلها، بينما يجعلون عقاباً أخف من القتل لمن لا يريد هدم أسسهم القانونية والمدنية...وليكن الحال بالنسبة إلى الإسلام الذي بنى أساسه على رفاه الروح والجسد واستقامتهما، فقد جعل أصرم العقوبات على من خرق هذا الأساس، فالإرتداد ليس من قبيل شرب الخمر وتنتهي المشكلة، بل إنما هو من قبيل خرق السفينة بأهلها ليفنيهم في البحر، وبقدر الجرم على المجتمع تكون شدة العقاب..

 ونحبُّ أن نلفت نظركم بأن هناك فرقاً بين الكافر الأصلي والمرتد، فالكافر الأصلي كاليهودي والنصراني والمجوسي وما شاكلهم لا يقتل، بل يجب إبلاغه الحجة العلمية والإعجازية في حضور المعصوم عليه السلام وإلا فلا يجوز قتله قبل تلقيه الحجة العقلية على صحة الإسلام وبطلان المذاهب والأديان الأخرى..وهذا يختلف بحكمه عن المرتد الذي دخل في الإسلام بعد علمه ببطلان ما كان عليه من الباطل، فهذا كما أشرنا سابقاً يستتاب، فإن لم يتب، فمصيره القتل، وهو خاص في حضور الإمام المهدي (أرواحنا له الفداء) وإلا فلا يجوز بحسب نظرنا الفقهي إقامة الحدود في غياب إمامنا الحجة القائم المهدي (سلام الله عليه) وبالتالي ينتفي إشكالك من الأساس، ولكن لا يعني هذا أن الكافر معفوٌ عنه من العقاب عند الله تعالى ومصيره جهنم خالداً فيها أبداً..!

  هذا بالإضافة إلى أن جملةً من المرتدين لا يصح قتلهم كما أشارت النصوص الدينية، وهؤلاء ينقسمون إلى أربعة أقسام:

    (الأول): المرأة المرتدة، فلا يجوز قتلها بل تحبس إلى أن تعود إلى الفطرة.

    (الثاني): الإرتداد العام للمسلمين كما لو ارتدت الأمة عن بكرة أبيها كما حصل بعد شهادة النبيّ الأعظم أبي الزهراء صلى الله عليه وآله وارتداد الأمة عن نصرة ابنته الصديقة الكبرى وابن عمه أمير المؤمنين عليهما السلام عندما هجم أبو بكر وعمر وجلاوزتهما على دار سيّدة نساء العالمين مولاتنا الصديقة الكبرى الزهراء البتول (سلام الله عليها)، فقد ارتد المسلمون عن دينهم لما تقاعسوا عن نصرة مولاتنا الزهراء وبعلها أمير المؤمنين (سلام الله عليهما)، ولم يبقَ على دين الإسلام إلا شرذمة قليلة جداً...وهكذا الحال في الإرتدادات العمومية الكبرى التي حصلت إبان تولي أمير المؤمنين عليه السلام الخلافة الظاهرية بعد موت عثمان، فقد تكاتف أكثر المسلمين المعتقدين بخلافة عثمان ضد أمير المؤمنين مولانا الإمام الأعظم علي بن أبي طالب عليه السلام وشنوا عليه ثلاثة حروب كبرى: الجمل ـــ صفين ـــ النهروان.

  والإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه) لم يقم الحدَّ على عامة من ارتد عن إمامته وولايته، بل إنما قتل من حمل السيف لقتاله وإبادة أنصاره وشيعته، وسكت عن الصامتين الذين لم يقاتلوه ولم يشاركوا مع غيره في قتالهم ضده عليه السلام...فالحدود مرفوعة عن الارتداد العمومي، بل هي خاصة بالارتداد الفردي بمعنى أن من يجب عليه الحد إنما هو المرتد الشخصي لا العمومي، ويشترط في إقامة الحد عليه أن يكون في عصر حضور المعصوم عليه السلام ولا يشمل أزمنة غيبة مولانا الإمام المعظم الحجة القائم أرواحنا له الفداء، فأدلة وجوب إقامة الحد منصرفة عن الارتدادات العمومية، وليس صحيحاً ما أشار إليه السيّد محمد الحسيني الشيرازي في الجزء الثامن والثمانين في باب التعزيرات من كتابه "الفقه" حيث ادَّعى صحة إسلام من خاض المعارك الثلاث الكبرى ضده..! بل الصحيح هو أن هؤلاء كانوا محكوم عليهم بالارتداد كلهم سواء من شاركوا في القتال ضده أو من لم يشارك منهم في ذلك، فكلهم محكوم عليهم بالارتداد إلا أنه عفى عمن لم يشارك بالقتال وأطلق عليهم مصطلح "البغاة" باعتبارهم حربيين وهم جماعة قليلون وإن كانوا بالآلاف بالقياس إلى عدد المسلمين الآخرين الذين لم يشاركوا في المعارك الثلاث الكبرى، فتشملهم قاعدة الارتداد العمومي بحيث يخرجون حكماً من الحد ولا يخرجون عن حد الارتداد موضوعاً بمعنى أنهم كلهم يصدق عليهم مفهوم الارتداد إلا أن من يجب قتله منهم إنما هم الذين شاركوا في الحرب ضد أمير المؤمنين عليه السلام.

  (الثالث): من ارتد لشبهة واقعية ولم يعرف الخروج منها بسبب قصوره أو تقصيره ولم يسأل الحكماء والعلماء، فمثل هذا لا يقام عليه الحد، وذلك لأن الحدود تدرأ بالشبهات.

  (الرابع): الطفل المسلم الذي بلغ وشب على الكفر بفعل ابتعاده عن والديه كما لو تربى في أحضان الكفار نظير ذلك اللقيط المسلم في دار الكفر، فهذا لا يصدق عليه أنه مرتد فطري حتى لو بلغ وهو كافر، باعتبار أنه لم يعرف شيئاً عن الإسلام لأنه كان بعيداً عن أجواء الإسلام خلال تواجده في أحضان الكفار الذين ربوه واعتنوا به.

  بما تقدم يتضح: أن فرداً واحداً من أقسام الارتداد يجب قتله في عصر المعصوم عليه السلام وهو المرتد الملي بعد الإستتابة عدة أيام، فإذا لم يتب يقام عليه الحد.

  قد يقال: إن هذا يتنافى مع قوله تعالى (لا إكراه في الدين) ويتنافى مع القول المشهور بين الناس" كيف يُكره المرتد على الدين وما الفرق بينه وبين الكافر الأصلي الذي يعفى عنه..؟".

  والجواب: الآية المباركة (لا إكراه في الدين) خاصة في الإكراه على الدخول في الدين، أما إذا أسلم المرء باختياره فلا خيار له في الرجوع عن الإسلام بعدما دخل فيه والتزم بأحكامه، وهذا ثابت حتى في الديانات الأخرى كالمسيحية واليهودية.. ولهذا الحكم نظائر في القانون الوضعي الذي يعطي الفرد الحرية في اختيار القانون أو المنظمة التي يحبها فله الدخول فيها، ولكنه إذا دخل لا خيار له في الخروج منها، فالفرق بينهما واضح عرفاً؛ وهكذا الفرق بين الكافر الأصلي والمرتد، فإن الأول لم يدخل في الإسلام حتى يكون خروجه خرقاً للقانون فيُقتل، بينما الثاني قد دخل في الإسلام ثم أراد الخروج منه، فهو بمثابة رجل دخل في تنظيم ثم أراد الخروج منه فيعتبرونه خارقاً لقانونهم..!

  هذا بالإضافة إلى أن من دخل في الإسلام ثم خرج منه يكون قد خرج من الهدى ليدخل مجدداً في الضلال وفساد العقيدة، فلم يسمح له الله تعالى بترك الهدى من دون عقاب على دخوله في الضلال، فهو نظير رجل أو طفل كان في جنة عامرة ثم أراد أن يلقي نفسه من شاهق، فإن العقلاء يمنعونه من ذلك ولو أدى ذلك إلى تكسير رجليه حتى يكون عبرة لغيره..فالتسامح مع المرتد يؤدي إلى تجرؤ الكثيرين على الكفر والمعاصي وهو أمر لا يسمح به الله المالك لشؤونهم والمشفق عليهم من الانحراف..!!  

 والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين، والسلام عليكم.

حررها العبد الأحقر محمد جميل حمود العاملي

بيروت بتاريخ 13 محرم 1438 هجري

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/10/19   ||   القرّاء : 6097




أحدث البيانات والإعلانات :



 لقد ألغى سماحة لمرجع الديني الكبير فقيه عصره آية الله الحجّة الشيخ محمّد جميل حمّود العاملي ( دام ظلّه الوارف ) كلّ الإجازات التي منحها للعلماء..

 الرد الإجمالي على الشيخ حسن المصري..

 بيان تحديد بداية شهر رمضان المبارك لعام 1443 هجري / 2022 ميلادي

 الرد الفوري على الشيخ البصري

 إحتفال الشيعة في رأس السنة الميلاديّة حرام شرعاً

 بيان تحديد بداية شهر رمضان المبارك لعام 1441 هجري / 2020 ميلادي

 بيان هام صادر عن المرجع الديني آية الله الشيخ محمّد جميل حمُّود العاملي

البحث في القسم :


  

جديد القسم :



 يحرم حبس الطيور والحيوانات بغير حقٍّ..

 المرض هو من مسوغات الإفطار في شهر رمضان..

 ما حكم المادة الدهنية التي تفرزها الأُذن في صحة الغسل..؟

 تجب على المسافر زكاة الفطرة

 على من تجب زكاة الفطرة...؟

 كيف نقتدي بالإمام الأعظم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلَّى الله عليه وآله في يوم شهادته المقدَّسة..؟..

 هل كان أمير المؤمنين عليٌّ صلّى الله عليه وآله موجوداً مع رسول الله صلى الله عليه وآله في الإسراء والمعراج..؟

ملفات عشوائية :



 دحض الشبهات الواهية على كفر سيدنا أبي طالب عليه السلام

 ماهي أهم التوصيات في شهر رمضان المبارك؟ وما هي أفضل أعمال ليلة القدر؟

 لايجوز للرجل أن يمثل دور المرأة سواءً كان دور السيدة المطهرة مولاتنا الحوراء زينب عليها السلام أو غيرها

 بداية وقت صلاة المغرب عند ذهاب الحمرة المشرقية..وكذلك غسل الليلة

 يجوز شرعاً قطع رأس الناصبي الداعشي مطلقاً سواء كان موته بقطع رأسه أو كان بعد قتله

 بيان في بدعة كون شهر محرّم رأس السنة الهجريّة

 يجوز أكل الروبيان وهو القريدس

جديد الصوتيات :



 كيف نقتدي بالإمام الأعظم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلَّى الله عليه وآله في يوم شهادته المقدَّسة..؟..

 الإيراد على الوهابيين غير المعتقدين بالتوسل بالأنبياء والأولياء من آل محمد عليهم السلام - ألقيت في عام 2008 ميلادي

 محطات في سيرة الإمام محمّد الجواد عليه السلام - 26تموز2007

 محاضرة حول الصدقة (حديث المنزلة..وكل الانبياء أوصوا الى من يخلفهم..)

 السيرة التحليليّة للإمام علي الهادي عليه السلام وبعض معاجزه

 لماذا لم يعاجل الإمام المهدي (عليه السلام) بعقاب الظالمين

 المحاضرة رقم ٢:( الرد على من شكك بقضية إقتحام عمر بن الخطاب لدار سيّدة الطهر والقداسة الصديقة الكبرى فاطمة صلى الله عليها)

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 11

  • الأقسام الفرعية : 36

  • عدد المواضيع : 2201

  • التصفحات : 19383830

  • المتواجدون الآن : 1

  • التاريخ : 18/04/2024 - 19:06

||   Web Site : www.aletra.org   ||   
 

 Designed, Programmed & Hosted by : King 4 Host . Net